Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 109

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ۖ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109) (البقرة) mp3
يُحَذِّر تَعَالَى عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ عَنْ سُلُوك طَرِيق الْكُفَّار مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَيُعْلِمهُمْ بِعَدَاوَتِهِمْ لَهُمْ فِي الْبَاطِن وَالظَّاهِر وَمَا هُمْ مُشْتَمِلُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَسَد لِلْمُؤْمِنِينَ مَعَ عِلْمهمْ بِفَضْلِهِمْ وَفَضْل نَبِيّهمْ وَيَأْمُر عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ بِالصَّفْحِ وَالْعَفْو أَوْ الِاحْتِمَال حَتَّى يَأْتِي أَمْر اللَّه مِنْ النَّصْر وَالْفَتْح وَيَأْمُرهُمْ بِإِقَامَةِ الصَّلَاة وَإِيتَاء الزَّكَاة وَيَحُثّهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَيُرَغِّبهُمْ فِيهِ كَمَا قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر أَوْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : كَانَ حُيَيّ بْن أَخْطَب وَأَبُو يَاسِر بْن أَخْطَب مِنْ أَشَدّ الْيَهُود لِلْعَرَبِ حَسَدًا إِذْ خَصَّهُمْ اللَّهُ بِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَا جَاهِدَيْنِ فِي رَدّ النَّاس عَنْ الْإِسْلَام مَا اِسْتَطَاعَا فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمَا " وَدَّ كَثِير مِنْ أَهْل الْكِتَاب لَوْ يَرُدُّونَكُمْ " الْآيَة وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيّ فِي قَوْله تَعَالَى " وَدَّ كَثِير مِنْ أَهْل الْكِتَاب " قَالَ هُوَ كَعْب بْن الْأَشْرَف وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَان أَخْبَرَنَا شُعَيْب عَنْ الزُّهْرِيّ أَخْبَرَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن كَعْب بْن مَالِك عَنْ أَبِيهِ أَنَّ كَعْب بْن الْأَشْرَف الْيَهُودِيّ كَانَ شَاعِرًا وَكَانَ يَهْجُو النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ أَنْزَلَ اللَّه " وَدَّ كَثِير مِنْ أَهْل الْكِتَاب لَوْ يَرُدُّونَكُمْ" إِلَى قَوْله " فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا " وَقَالَ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّ رَسُولًا أُمِّيًّا يُخْبِرهُمْ بِمَا فِي أَيْدِيهمْ مِنْ الْكُتُب وَالرُّسُل وَالْآيَات ثُمَّ يُصَدِّق بِذَلِكَ كُلّه مِثْل تَصْدِيقهمْ وَلَكِنَّهُمْ جَحَدُوا ذَلِكَ كُفْرًا وَحَسَدًا وَبَغْيًا وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّه تَعَالَى " كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْد أَنْفُسهمْ مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقّ " يَقُول مِنْ بَعْد مَا أَضَاءَ لَهُمْ الْحَقّ لَمْ يَجْهَلُوا مِنْهُ شَيْئًا وَلَكِنَّ الْحَسَد حَمَلَهُمْ عَلَى الْجُحُود فَعَيَّرَهُمْ وَوَبَّخَهُمْ وَلَامَهُمْ أَشَدّ الْمَلَامَة وَشَرَعَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ التَّصْدِيق وَالْإِيمَان وَالْإِقْرَار بِمَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَيْهِمْ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلهمْ بِكَرَامَتِهِ وَثَوَابه الْجَزِيل وَمَعُونَته لَهُمْ وَقَالَ الرَّبِيع بْن أَنَس " مِنْ عِنْد أَنْفُسهمْ " مِنْ قَبْل أَنْفُسهمْ وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة " مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقّ " مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ أَنْ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّه يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدهمْ فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل فَكَفَرُوا بِهِ حَسَدًا وَبَغْيًا إِذْ كَانَ مِنْ غَيْرهمْ وَكَذَا قَالَ قَتَادَة وَالرَّبِيع بْن أَنَس وَقَوْله " فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِي اللَّه بِأَمْرِهِ " مِثْل قَوْله تَعَالَى " وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا " الْآيَة قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِي اللَّه بِأَمْرِهِ" وَالسُّدِّيّ وَقَوْله " فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِي اللَّهُ بِأَمْرِهِ " نَسَخَ ذَلِكَ قَوْله " فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ " وَقَوْله " قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِر " إِلَى قَوْله " وَهُمْ صَاغِرُونَ " فَنَسَخَ هَذَا عَفْوَهُ عَنْ الْمُشْرِكِينَ وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَة وَالرَّبِيع بْن أَنَس وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ أَنَّهَا مَنْسُوخَة بِآيَةِ السَّيْف وَيُرْشِد إِلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى " حَتَّى يَأْتِي اللَّه بِأَمْرِهِ " وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : أَخْبَرَنَا أَبِي أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَان أَخْبَرَنَا شُعَيْب عَنْ الزُّهْرِيّ أَخْبَرَنِي عُرْوَة بْن الزُّبَيْر أَنَّ أُسَامَة بْن زَيْد أَخْبَرَهُ قَالَ : كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه يَعْفُونَ عَنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْل الْكِتَاب كَمَا أَمَرَهُمْ اللَّه وَيَصْبِرُونَ عَلَى الْأَذَى قَالَ اللَّه " فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِي اللَّه بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير" وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَأَوَّل مِنْ الْعَفْو مَا أَمَرَهُ اللَّه بِهِ حَتَّى أَذِنَ اللَّه فِيهِمْ بِالْقَتْلِ فَقَتَلَ اللَّهُ بِهِ مَنْ قَتَلَ مِنْ صَنَادِيد قُرَيْش هَذَا إِسْنَاده صَحِيح وَلَمْ أَرَهُ فِي شَيْء مِنْ الْكُتُب السِّتَّة وَلَكِنْ لَهُ أَصْل فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أُسَامَة بْن زَيْد .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • المختار في أصول السنة

    المختار في أصول السنة: فقد كان لأئمة السنة وعلماء الأمة جهود كثيرة وأنشطة كبيرة في سبيل نشر العقيدة وتثبيتها وتصحيحها، والذبِّ عنها وإبطال كل ما يُخالفها ويضادُّها من أقوالٍ كاسِدة، وآراء فاسدة، وانحرافاتٍ بعيدةٍ باطلة. وهذا الكتاب «المختار في أصول السنة» هو عقدٌ في ذلك النظم المبارك، ولبنةٌ في هذا البناء المشيد، ألَّفه الإمام أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الله بن البنا الحنبلي البغدادي المتوفى سنة 471 هـ - رحمه الله تعالى -، أكثره تلخيص لكتاب الشريعة للآجري، وكتاب التوحيد من صحيح البخاري، وكتاب تأويل مشكل الحديث لابن قتيبة، مع إضافاتٍ علميةٍ وفوائد مهمة، يذكرها المؤلف - رحمه الله -.

    المدقق/المراجع: عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/348309

    التحميل:

  • آل البيت وحقوقهم الشرعية

    آل البيت وحقوقهم الشرعية : فقد أوجب الله - سبحانه وتعالى - لأهل بيت نبيه - صلى الله عليه وسلم - حقوقًا، وخصهم بفضائل، وقد ظهر الفرق جليًا بين أهل السنة وبين مخالفيهم في تلقيهم لهذه الحقوق والفضائل، فأهل السنة أقروا بها وقاموا بها دون أي غلو أو تفريط، أما مخالفوهم فقد كانوا على طرفي نقيض في هذا، فمنهم من زاد على هذه الحقوق أشياء حتى بلغ بأصحابها منزلة رب العالمين، ومنهم من تركها واعترض عليها، حتى جعل أصحابها في منزلة الظالمين الكافرين، وفي هذا الكتاب بيان لهذه الحقوق.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/199762

    التحميل:

  • الحزن والاكتئاب على ضوء الكتاب والسنة

    الحزن والاكتئاب على ضوء الكتاب والسنة : يحتوي الكتاب على: • مقدمة الدكتور عبد الرزاق بن محمود الحمد • بين يدي الكتاب • ترجمة المؤلف رحمه الله • مقدمة المؤلف • تعريف الحزن والاكتئاب • أنواع الحزن • مرض الاكتئاب : أولاً: أعراضه - ثانيًا: أسبابه. • ما هو العلاج؟ أولاً: العقيدة - ثانيًا: التقوى والعمل الصالح - ثالثًا: الدعاء والتسبيح والصلاة - رابعًا: تقدير أسوأ الاحتمالات - خامسًا: الواقعية في النظرة إلى الحياة - سادسًا: تقديم حسن الظن - سابعًا: كيف التصرف حيال أذى الناس - ثامنًا: الأمل. • العلاج الطبي للاكتئاب.

    الناشر: مجلة البيان http://www.albayan-magazine.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/205802

    التحميل:

  • اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر

    اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر: دراسة وافية للمناهج في هذا القرن يُبيِّن فيها الأصيل والدخيل والصحيح والسقيم والمقبول والمردود علَّنا نتدارك في رقننا الجديد مساوئ سابقة ونأخذ منها محاسنه فنكون بذلك قد خطَونا خطوات جادّة، ونكون بذلك قد استفدنا ممن قبلنا، ونُفيد من بعدنا في تنقية التفسير ومناهجه مما أصابَه من الشوائب عبر القرون الماضية منذ أن كان صافيًا نقيًّا إلى يومنا هذا فنعود به كما كان، ويصلح آخر هذه الأمة بما صلح به أولها.

    الناشر: مؤسسة الرسالة ببيروت http://www.resalah.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/364170

    التحميل:

  • هل العهد الجديد كلمة الله؟

    هل العهد الجديد كلمة الله؟ : المسيحية تؤمن أن أسفار العهد الجديد هي كلمة الله التي كتبها رجال الله القديسون بإلهام من الروح القدس، وفي هذه الرسالة إجابة على هذا السؤال هل تؤيد الشواهد العلمية والأدلة التاريخية بل والنصوص الكتابية، ما قاله القرآن عن تحريف هذه الكتب وزور نسبتها إلى الله أم أن العهد الجديد سلم من التحريف والتبديل والعبث البشري كما يؤمن النصارى؟

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/228824

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة